اذا قارنا النفس البشرية في المنظورين الديني وعلم النفس نجد تشابه كبير بين مراتبها كما وصفها الله تعالى في كتابه الكريم وبين ما
توصل اليه العلم من تحديد الجهاز النفسي وطبقاتها الثلاثة : الهو والانا الاعلى والانا
النفس الأمارة بالسوء : هي التي تأمر الإنسان بالسيئات ، والتي قال عنها القرآن الكريم : { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَة بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } هذه النفس تعادل "الهو" في علم النفس : وهو الجزء الفطري في الانسان , الانسان الخام قبل ان يتطبع بعادات المجتمع والواقع , هو مستودع الرغبات والغرائز واللامنطق , يحكمه مبدأ اللذة .
النفس اللَّوامة : و هي التي تندَم بعد ارتكاب المعاصي و الذنوب فتلوم نفسها و التي قال عنها القرآن الكريم : { وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } وهي تعادل "الانا الاعلى" الذي يلوم دائما ويحاسب هو يمثل الضمير والقيم الدينية والخلقية وجميع القيم الاجتماعية المتشدّدة المستمدة من الاسرة و المجتمع .
الانا : وهي الشخصية الفريدة لكل انسان , وهي التي تميّزه عن الاخرين , هي حصيلة الصراع بين " الهو والانا الاعلى " أي ان " الانا " تتعرض لمطرقتين قويتين : " الهو والانا الاعلى " .
الانا القوية المتماسكة هي التي تقوم بعملية التوازن بين الاثنين , عندما تنجح عملية التوازن تنتج انسان متوافق مع نفسه ومجتمعه وربه , يقوم بتحقيق رغباته المقبولة عرفا وشرعا , اي انه علينا ان نقوم بتقوية الانا . وهنا يقول الله تعالى عن عبادِهِ المفلحين : ( قَدْ أفلَحَ مَنْ زكَّاها ) , اي من زكّى نفسه و طهّرها من شهواتها .
في هذه الحالة نصل الى النفس المطمئنة : و هي النفس الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن , الواصلة إلى مرحلة الاطمئنان والراحة والطاعة التامة لأوامر ربها ,هي النفس التي رضيت بما أوتيت , والتي رضي الله عز و جلّ عنها هي التي قال عنها القرآن الكريم : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } .
- اما اذا فشلت عملية التوازن وتثبّت الانسان على " الهو" اي ( النفس الامارة بالسوء) تحوّلت حياته الى شهوانيّة بحتة , هنا تتشكّل شخصيّة المجرم والمعندي على حقوق الاخرين والمنحرف .
واذا تثبّت الانسان على "الانا الاعلى" اصبحت شخصيّة الانسان صلبة غير مرنة , متحجرة , لوامة بشكل دائم تمنعه من تحقيق حاجاته ورغباته المقبولة والمسموحة شرعا وتجعل منه شخصا غير متوازن .
عيش لدنياك كأنك تعيش ابدا .. وعيش لأخرتك كأنّك تموت غدا .
SOURCE
https://www.facebook.com/notes/wafaa-bd/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3-/293574987366399